المهندس/ عبدالعزيز أحمد الفرج
القراءة هي واحدة من أعمق وأهم الوسائل التي تمكن الإنسان من اكتساب المعرفة وتنمية فهمه للعالم من حوله. في القرآن الكريم، كان أول أمر إلهي لنبي الله محمد صلى الله عليه وٱله وسلم هو "اقْرَأْ" وهذا يدل على أهمية القراءة في الإسلام وعلى دورها الكبير في بناء الإنسان فكريًا وروحيًا. من خلال القراءة، تتسع آفاق الإنسان وتفتح أمامه أبواب المعرفة التي تسهم في تطور شخصيته وتوجهه الفكري.
ما هي القراءة ولماذا نقرأ؟
القراءة هي العملية التي يتفاعل خلالها الإنسان مع النصوص المكتوبة بهدف استخراج المعرفة وفهم المعاني. إنها لا تقتصر على مجرد تمرير العين عبر الكلمات، بل هي وسيلة لتوسيع المدارك واكتساب المهارات التي تساعد الفرد على التفكير بعمق. نقرأ لتوسيع آفاقنا، لنتعلم مهارات جديدة، ولنفهم الحقائق التي تسهم في تطوير حياتنا العملية والشخصية. كما أن القراءة هي السبيل لاكتشاف العالم بما يحتويه من أفكار وثقافات وتجارب.
في هذا السياق، نجد أن القرآن الكريم يولي القراءة مكانة خاصة. ففي سورة العلق، نجد أول أمر إلهي للنبي محمد صلى الله عليه وٱله وسلم "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"، مما يعكس الأهمية الكبرى للقراءة في الإسلام. كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وٱله وسلم في حديثه: "إن أردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحسرة، فادرسوا القرآن". هذه الدعوة تؤكد على أن القراءة ليست مجرد نشاط عابر، بل هي أسلوب حياة يساهم في النجاح في الدنيا والآخرة.
أهمية القراءة في حياة الإنسان
1. تنمية القدرات العقلية والمهارات الفكرية
القراءة هي وسيلة لتغذية العقل وتنميته. من خلال قراءة الكتب والمقالات والأبحاث، يتعرف الإنسان على أفكار جديدة، ويكتسب مهارات التفكير النقدي والتحليلي. هذا يمكن أن يساعد الأفراد على تطوير قدرتهم على اتخاذ القرارات السليمة ومواجهة التحديات بطرق مبتكرة.
2. التمكين من فهم العالم وتحليل المعلومات
في عصرنا الحالي، حيث تكثر المعلومات والأخبار التي قد تكون مضللة أو غير دقيقة، تأتي القراءة كأداة أساسية لتمكين الأفراد من التمييز بين المعلومات الصحيحة والغير صحيحة. من خلال القراءة المستمرة، يصبح الشخص أكثر قدرة على تحليل الأخبار والمحتويات الإعلامية بطريقة نقدية ومدروسة.
3. تعزيز المهارات اللغوية والتواصل الفعّال
تعد القراءة من أهم وسائل تحسين اللغة. فهي تساهم في تطوير المفردات، وتحسين الكتابة، وتعلم أساليب التعبير الدقيقة والواضحة. هذه المهارات ضرورية سواء في الحياة الأكاديمية أو المهنية، حيث تساعد الأفراد على التواصل بشكل أكثر فاعلية، ما يفتح لهم آفاق النجاح في مختلف مجالات الحياة.
من يتحمل مسؤولية تعزيز القراءة؟
تحفيز الأفراد على القراءة ليس مسؤولية فردية فحسب، بل هو واجب جماعي يتطلب تعاون الجميع. تقع مسؤولية تشجيع القراءة على عاتق الأسرة، المدارس، والمجتمع ككل. الأسرة يجب أن تكون أول من يبدأ في ترسيخ حب القراءة لدى الأبناء من خلال إنشاء بيئة منزلية تشجع على القراءة. المدارس أيضًا تلعب دورًا مهمًا من خلال إدراج أنشطة ومواد قرائية متنوعة في المناهج الدراسية، وتنظيم الندوات والفعاليات الثقافية التي تحفز الطلاب على القراءة.
المجتمع بدوره يجب أن يساهم في خلق بيئة ثقافية حاضنة للقراءة، من خلال تطوير المكتبات العامة، وتنظيم المعارض والأنشطة الثقافية التي تشجع الشباب على المشاركة فيها. من المهم أيضًا أن تكون الكتب والمواد القرائية متنوعة ومتاحة للجميع، مع مراعاة اهتمامات الأفراد وميولهم الشخصية.
خاتمة
في النهاية، تظل القراءة من أهم الأنشطة التي تساهم في بناء الإنسان وتطوير المجتمع. هي ليست مجرد وسيلة للحصول على المعرفة، بل هي أداة لتوسيع آفاق الفهم والتفكير. إن غرس حب القراءة في نفوس الأجيال القادمة سيكون له تأثير عميق في نهضة المجتمعات وتحقيق التقدم. من خلال القراءة، نبني عقولًا مستنيرة، ونفتح أمام الأفراد فرصًا جديدة للنمو الشخصي والمهني، لنعيش في عالم أفضل وأذكى.