وفاءً لذكرى الفريق

للكاتب الأستاذ: زكي علي الصالح
 
وفاءً لذكرى الفريق
كلهم كانوا هناك في وداع جَمُّول
 
خلال أقل من سنة فقد فريقنا خالد الذكر "فريق كربلا" أو "الفريق الجنوبي" كما يحلو لأمهاتنا وآبائنا تسميته، ثلاثة أعزاء من أهل الفريق ومن أكثرهم حضوراً في المشهد الاجتماعي، وغيابهم لا يشبه أي غياب، وهم وإن غابوا بأجسادهم، فهم حاضرون بقوة في ذاكرة أهل الفريق ووجدانهم، فقبل عشرة أشهر فجعنا بموت المرحومة "عزيزة" أم علي يوسف طريف، التي كانت أحد رموز الفريق وأركانه الأساسية أو كما نَعَتْهَا أختي الكبرى "سلمى" بقولها "عمدة الفريق".

 كان شعور أولاد الفريق وهم يمشون في جنازتها، كمن يسيرون في تشييع أمٍ لهم جميعاً، ومن منا لا يحمل في قلبه لها عاطفة ومحبة، ويختزن في ذاكرته له معها ذكرى وقصة، ومَن من "إصبيّان الفريق" من جيل الستينيات والسبعينيات تحديداً لم تخيط له عزيزة ثوباً؟ ومن لم يشرب "حِلواً" أو تفتح وعيه ووجدانه على أحداث "مصيبة المظلوم" في "العزيّة" المقامة في بيتها؟
 وبدون مقدمات غادرنا قبل شهرين المرحوم حسن إنياح "أبو عبدالله" صاحب الابتسامة والروح المرحة والمشاكسة، وقد اعتصر الألم قلوبنا جميعاً لرحيله المبكر والسريع، وبموته خسرنا أخاً وصاحباً وصديقاً و"ولد الفريق" الشهم الذي لا يتوانى عن الفزعة لجيرانه وأهل فريقه. 

ولم نكد نفيق من صدمة فقد أبي عبدالله انياح، حتى أناخ ملك الموت ركابه في رحالنا مجدداً، فقد غُيِّبت في التراب واحدة من أجمل وأنقى قلوب النساء في العوامية، يشهد على ذلك جميع أولاد ورجال ونساء الفريق، وكذلك يشهد على كلامي هذا كل من عرفها من نساء البلدة.

 في الجبّانة كنا نحمل على الأكتاف نعش جنازة "جَمُّول" التي ظلت رغم مرضها على تواصل مع نساء وأهل فريقها التي عاشت فيه جميع مراحل حياتها؛ طفلة وزوجة وأماً وجدة، كنا جميعاً هناك في وداعها، وكأن القدر حكم علينا أن لا نلتقي نحن "أولاد كربلا"؛ الفريق الذي ولدنا وعشنا فيه أجمل أيام حياتنا إلا في وداع فرد منا.
وفاءً لذكرى الفريق
آراء ومقالات