يواصل ابن العوامية، الباحث الدكتور ناصر الفرج، المساهمة في دفع عجلة التطوير العلمي في أحد أكثر القطاعات التقنية تأثيرًا على مستوى العالم، وهو مجال أشباه الموصلات، الذي يُعد المحرّك الأساسي لتقنيات الاتصالات والطاقة والمركبات الكهربائية والإلكترونيات الدقيقة.
ويعمل الدكتور الفرج حاليًا ضمن الفريق البحثي في جامعة تورنتو الكندية، ويُعد من الباحثين السعوديين الذين جمعوا بين التفوق الأكاديمي والابتكار التقني، وقد برز اسمه بفضل سلسلة من الأبحاث المتقدمة التي أنجزها خلال مسيرته العلمية، بدءًا من دراسته العليا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، وحتى مشاركته في تأسيس شركة تقنية متخصصة في كندا.
تطوير أبحاث أشباه الموصلات
أشار موقع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إلى الدور البارز لأبحاث الدكتور الفرج في تطوير مجال أشباه الموصلات، حيث عمل تحت إشراف نخبة من الخبراء الدوليين في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسب على تطوير أجهزة إلكترونية ضوئية تعتمد على أشباه موصلات ذات فجوة عريضة، قادرة على العمل في البيئات القاسية ودرجات الحرارة العالية، مما يُمثل نقلة نوعية في مجالات إلكترونيات الطاقة والإلكترونيات الضوئية.
وقد مكّنته البيئة البحثية المتقدمة في "كاوست" من الوصول إلى مختبرات حديثة وتطبيق منهجيات متعددة التخصصات جمعت بين علوم المواد، والفيزياء التطبيقية، وتقنيات التصنيع النانوي، مما ساهم في تعزيز دقة وجودة نتائج أبحاثه. وبدعم من زمالة ابن رشد، تمكن الدكتور الفرج من تأمين تمويل تنافسي، ونشر أوراق بحثية في مجلات علمية مرموقة، وسجّل عدة براءات اختراع، إلى جانب حصوله على عضوية IEEE العليا.
إنجازات علمية
من أبرز إنجازاته العلمية، تطوير طريقة جديدة لزراعة مواد أشباه الموصلات على أسطح سيراميكية موصلة للحرارة، وهي تقنية ساعدت على تحسين كفاءة تبريد الأجهزة الإلكترونية وتقليل استهلاك الطاقة، ما يجعلها مثالية للاستخدام في مراكز البيانات الحديثة، والمركبات الكهربائية، وأنظمة الطاقة المتجددة.
كما قام بتوسيع نطاق المواد المستخدمة في هذا المجال، من خلال إدخال مركّبات مثل أكسيد الغاليوم وأكسيد الإيريديوم، والتي تمتاز بخصائص عالية في التوصيل والكفاءة، ما يُمكن من تصنيع أجهزة مدمجة بأداء يفوق نظيراتها المعتمدة على السيليكون التقليدي.
من البحث إلى التطبيق
إلى جانب مسيرته البحثية، شارك الدكتور الفرج في تأسيس شركة كندية ناشئة باسم NovuSemi Hybridia Inc.، والتي تهدف إلى تحويل الأبحاث المخبرية في مجال أشباه الموصلات إلى حلول صناعية وتجارية تطبيقية، في خطوة تجسّد حرصه على سد الفجوة بين البحث العلمي والتطبيق الصناعي.
آفاق مستقبلية
يتابع الدكتور الفرج عن كثب التطورات المتسارعة في هذا القطاع، متوقعًا أن يشهد المستقبل القريب إنجازات نوعية، خاصة في تطوير المواد الإلكترونية الضوئية وتقنيات الطاقة، بالإضافة إلى تحسين تقنيات نقل البيانات بسرعات أعلى.
ويؤكد أن بحثه يركّز على تحويل هذه المواد والتقنيات إلى منتجات عملية قابلة للتطبيق، مستفيدًا من الدعم البحثي واللوجستي الذي توفره جامعة الملك عبدالله، مشددًا على أن مستقبل المملكة التكنولوجي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنجاح مواهبها الشابة.
ويقول:"تلعب جامعة الملك عبدالله دورًا محوريًا في رعاية أفضل المواهب، وإشراك الشباب السعودي في أحدث مجالات البحث والتعاون العالمي. وتُعد زمالة ابن رشد برنامجًا حيويًا ضمن هذا النظام البيئي المتكامل؛ فهي تستثمر بشكل استراتيجي في الكفاءات السعودية، وتبني خبرات وطنية في مجالات حيوية، وتُسهم في تأهيل قوة عاملة متقدمة ضرورية لنجاح المملكة في عالم يتشكل بشكل متسارع عبر العلوم والتقنية."